أسس التَّخطيط الإداريِّ وأهمِّيَّته في تحقيق أهداف المؤسَّسات
التَّخطيط الإداريِّ هو عمليَّة أساسيَّة لتوجيه الأنشطة والجهود نحو بلوغ أهداف المؤسَّسة، وتشتمل على تحديد المقاصد ووضع استراتيجيَّات وخطط لتحقيقها بطريقة فعَّالة. ويتضمَّن ذلك تحديد الموارد المطلوبة، والخطوات الَّتي يجب اتِّباعها للوصول إلى الرَّغبات المنشودة. والتَّخطيط هو الرَّكيزة الأولى لنجاح أيِّ مؤسَّسة، وضمان استمراريَّتها. فما هي أسسه؟ وما هي أهمِّيَّته في تحقيق أهداف المؤسَّسات؟
يُعدُّ التَّخطيط الإداريّ من أهمّ الأنشطة التي تنطوي عليها العمليّة الإداريّة في أيّ مؤسّسة، وهو الأداة القويّة التي تسهم في إحراز النّجاح المستدام للمؤسّسات، من خلال تحديد خيارات ممكنة وتصاميم واضحة وقابلة للقياس ووضع الأولويّات، وتوجيه الجُهود نحو تحقيقها، مع دراسة مُعمَّقة للبدائل المتاحة. وهو يرتكز على أُسس تُسهم في تحقيق الجدارة والفعّاليّة من خلال وضع خطّة رؤية واضحة للمؤسّسة مع تحديد أهداف الاستراتيجيّة المراد بلوغها. ودراسة البيئة الخارجيّة والدّاخليّة للمؤسّسة في الوقت الحاليّ وتقييم أدائها، ومعرفة النّقاط القويّة ومواطن الضّعف لديها لمعرفة التّحديّات والفرص المحتملة. ووضع استراتيجيّات مستقبليّة طويلة المدى، لتسهيل إنجاز الأهداف المستقبليّة لمراحل التّنفيذ المتقدّمة. وتنسيق جميع الأنشطة والموارد المتاحة لبلوغ الأهداف المحدًّدة، وتوجيه الموارد البشريّة والماليّة والماديّة نحو تحقيقها، واعتماد التّوازن بين الأهداف المتنافسة. وإيجاد حلول بديلة في حال حدوث طارئ خلال عمليّة التّنفيذ. ومراقبة تنفيذ الخطط والتّقدم بانتظام وتقييم النّتائج بانتظام لضمان إتمام الأهداف بكفاءة عالية وفي الوقت المحدّد. وهذا ما ذكره كريستوفر باركر في كلامه:” إنّ قضاء سبع ساعات في التّخطيط بأفكار وأهداف واضحة، هو أحسن وأفضّل نتيجة، من قضاء سبعة أيام من دون توجيه أو هدف”. فالـتأنيّ في التّخطيط يؤدي إلى النّجاح.
التّخطيط الإداريّ هو النواة الرئيسة لإدارة المؤسّسات التي تسعى إلى تلبية غايات محدّدة بطريقة منظّمة، الذي ينطلق من تحديد الغرض أو الأهداف مرورًا بوضع الخطط والاستراتيجيّات الضروريّة، بالإضافة إلى ترشيد استخدام الموارد المتاحة، وتوجيه العمليّات والجهود لنيل الأهداف. وتكمن أهمّيته في توفير الرؤية الواضحة والاتجاه للمؤسّسة، وتعزيز التّوجه نحو تحقيق الحاجات المحدّدة. والمساعدة في تنظيم الأنشطة والجهود المختلفة داخل المؤسّسة، ما يزيد من قدرتها وقوتها. واستثمار الموارد المتاحة (بشريّة-ماليّة-ماديّة) على نحو أمثل. وزيادة القدرة على التكيف مع التّحديات والتغيرات في البيئة الخارجيّة والداخليّة للمؤسّسة بفعاليّة. وتوفير الاستدامة من خلال التنبؤ بالأحداث المتغيرة والاستعداد لمواجهة المعوقات، وتقليل نسبة الخطأ، واتخاذ قرارات مستنيرة. وزيادة التّنسيق بين أعضاء المؤسّسة لتركيز الجهود المتكاملة فيها نحو تحقيق الحاجات المشتركة. ويحدد الوقت والتكلفة لكل خطوة. ويحفظ التّوازن بين الموارد والاحتياجات. وبهذا يصبح التّخطيط القوة التي تضمن تحقيق التأثير والقابليّة في أداء المؤسّسات وبلوغ تطلعاتها. فالتّخطيط الإداريّ الجيّد يوفر الوضوح الكافي حول مسؤوليّات وتوقعات كل قسم وفريق، ما يساعد في التأكّد من عدم تداخل الأنشطة وتحسين التنسيق. وهذا ما أكّد عليه بريان تريسي في كلامه:” كل دقيقة تقضيها في التّخطيط توفر عشر دقائق في التّنفيذ، وهذا يمنحك عائدًا على الطاقة بنسبة ألف في المئة! هذا ما يؤكّد أهمّيته ومردوده خلال التّنفيذ.
بناء على ما ورد، يمكن القول إنَّ التَّخطيط الإداريّ هو الرّكيزة الأساسيّة لنجاح المؤسّسات، حيث يقوم على أسس متينة تؤمن الوصول إلى المقاصد المنشودة. وهو يتضمّن توجيهًا استراتيجيًا يحدّد الاتّجاه المطلوب للمؤسّسة، وتحليل بيئي يساعد في فهم التّحديات والفرص، ووضع خطط طويلة المدى تضمن بلوغ الأهداف على المدى البعيد، وتنسيق جميع الأنشطة والموارد لضمان التّوازن والتّناغم. ولكن هل يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تسهم في تحسين عمليات التّخطيط الإداريّ وتعزيز قدرة المؤسّسات على التكّيف مع التّحديات المستقبليّة؟