كيف أجعل طلّابي يستمتعون بحصّة اللّغة العربيّة؟ – بقلم الأستاذة هويدا خالد مصطفى

كيف أجعل طلّابي يستمتعون بحصّة اللّغة العربيّة؟

يشكو معظم معلّمي اللّغة العربيّة من تذمّر طلّابهم من حصّة التعليم ومللهم منها، ومن تصرُّفاتهم العبثيّة وإثارة الشغب في أثناء الحصّة لتمرير الوقت. كذلك، يشكو الطلّاب بدورهم من حصّة اللّغة العربيّة ومن رتابتها وعدم محاكاتها ميولهم العلميّة، كما يعترضون على الطريقة التلقينيّة التي تدرَّس بها هذه المادّة الّتي تزيد من الاستياء وعدم وصول الفكرة ممّا يزيد الأمر صعوبة وغموضًا.

فكيف نزيل هذا الملل، ونذلّل الصعوبات؟ وكيف نجعل حصّة اللّغة العربيّة ممتعة؟

ثمّة العديد من الأفكار والاستراتيجيّات التي توفي بالغرض، منها:

إزالة الملل:

ويكون باتّباع الآتي:

– عدم تعليم الطلّاب ما يستطيعون تعلّمه بأنفسهم.

– سؤالهم عمّا يريدون تعلُّمه، أي تحديد الأمور التي يستصعبونها ويرغبون في شرحها من قبل المعلّم.

-تخييرهم بالموضوعات المطروحة في المنهج والسماح لهم بانتقاء موضوع النقاش الأحبّ لديهم؛ فهم غالبًا سيختارون الموضوع الأقرب إلى أعمارهم، فهي كلّها مهمّة، وستمكّن المعلّم من التقرّب منهم، وجذب انتباههم ورغبتهم في طرح فكرتهم، وتمكينهم من الإفصاح باستخدام اللغة العربية “لغة الضّاد” عن أفكارهم، ثمّ كسب ثقتهم واهتمامهم، كون أنّ مادّة اللغة العربيّة هي المتنفس والمساحة المنفتحة عليهم وعلى متطلّباتهم أكثر من سائر الموادّ.

-جعل العمليّة التعليميّة تبادليّة بين المعلّم والطالب، من خلال التنقّل من شرح المعلّم إلى تطبيق ما فهمه الطالب.

-تعزيز روح التعاون في الحصّة بين المعلّم والطالب وبين الطلّاب أنفسهم.

-الاستعانة بالطلّاب المتميِّزين لشرح الفكرة لبقيّة الطلّاب.

-السماح ببعض الفوضى البنّاءة التي تضفي الحيويّة على الحصّة، بخاصّة في موضوع النقاش الذي اقترن مفهومه بالطاولة المستديرة، لما يتيحه من إمكانيّة عمليّة طرح الأفكار ومناقشة الاختلافات. لهذا، لا بدَّ من تغيير ترتيب المقاعد في أثناء استخدام النقاش.

 

تذليل الصعوبات:

الإنسان بشكل عام عدوّ ما يجهل، والطالب بشكلٍ خاص يخشى ما يستشعر صعوبته، فيكرهه ولا يتفاعل معه. لذلك، وُجب تذليل هذه الصعوبات من خلال طرائق متعدّدة، منها:

-استراتيجيّة قراءة النصوص الوظيفيّة والإجابة عن الأسئلة الخمسة:

” فالنصّ يشبه جبلًا صامدًا صلبًا يحجب الفهم، وعلينا أن نفتّت هذا الجبل ونحلّله لتسهّل على الطالب معرفة مكوّناته، ممّا يمكِّنه من الفهم، ويوصل له الفكرة واضحة. وذلك عن طريق استراتيجيّة  قراءة النصوص الوظيفيّة والإجابة عن الأسئلة الخمسة ( من؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ لماذا؟ )”[1]

-عدم إلغاء العاميّة بصفة نهائيّة وعدم رفض المداخلات بغير الفصحى، لمايحدثه ذلك من نفور من التعبير عند الطلّاب غير المتمكِّنين. لذا، ينبغي السماح لهم بالمشاركة والإدلاء بآرائهم وأفكارهم بالعاميّة ثمّ الطلب إليهم إعادة طرحها بالفصحى.

-على المعلّم أن لا يلجأ إلى أساليب التعجيز والبلاغة واستخدام أسلوب قويّ في الحوار، فهذا قد يكون له ترتيبات سلبيّة تطغى على إيجابيّاته. فبعض المعلّمين يلجأون إلى هذا الأسلوب لاستعراض مقدرتهم في اللغة العربيّة، ممّا يترك شعورًا غير مريح عند الطالب تجاه اللغة ويجعلها تبدو صعبة. لذا، يجب أن يكون المعلِّم بسيطًا في أسلوبه اللغويّ، مع المحافظة قدر الإمكان على التحدُّث بالفصحى فقط.

 

  • مراعاة الفروق الفرديّة

يقول الخبير التربويّ المصريّ، الدكتور تامر شوقي، وفقًا لما نشره موقع الدستور”إنّ التلاميذ يختلفون عن بعضهم في مختلف نواحي الشخصيّة، سواء الجسميّة أو العقليّة أو الاجتماعيّة أو الانفعاليّة وغيرها. ولكن الجانب الأكثر أهميّة في الفروق الفرديّة هو الفروق في النواحي العقليّة والمعرفيّة والتحصيليّة، حيث لا يستوعب جميع التلاميذ الدروس بالكفاءة نفسها، والسرعة نفسها، والدّقّة نفسها. وأضاف أنّ المعلّم يجب أن يتبع بعض الأساليب للتعامل مع الفروق الفرديّة خصوصًا عند توصيل المعلومة والشرح وعند التقييم”[2].

* يجب أن تكون سرعة الشرح متوسّطة، لا بطيئة كي لا تسبِّب الملل للطلّاب، ولا سريعة بحيث لا يستطيع الطالب البطيء مجاراتها.

*وفي التقييم يجب على المعلّم أن ينوّع أساليبه بين الأسئلة التحريريّة والشفويّة، وبين الأسئلة المقاليّة والموضوعيّة، والنظريّة والعمليّة، كما يجب أن يطرح السؤال السهل على الطالب البطيء، ويترك الأسئلة الأصعب للطلّاب الأقوى.

 

  • مراعاة الذكاءات المتعدّدة

“أضاف عالم النفس هاورد غاردنر عام 1990 خمس قدرات إلى التواصل اللغويّ والتفكير المنطقيّ، وهي: الذكاء البصريّ، الذكاء الموسيقيّ، الذكاء الجسميّ العضليّ، ذكاء المعرفة الذاتيّة، وذكاء معرفة الآخرين.  ولاحقًا اعترف غاردنر بإمكانيّة وجود ذكاءات أخرى على العلم اكتشافها”[3].

إذًا، يجب مراعاة الذكاءات المتنوّعة وشرح محتوى الدرس بأساليب مختلفة. مثلًا، يمكن شرح الدرس بطريقة شفهيّة تناسب صاحب الذكاء السمعيّ، ثمّ عرض صورة عنه تناسب صاحب الذكاء البصريّ، ويمكن إدخال الموسيقى التي تناسب صاحب الذكاء الموسيقيّ، كما يمكن تقسيم الطلّاب إلى مجموعات للطلّاب ذوي الذكاء الاجتماعيّ وغير ذلك…

ختامًا، لا بدّ من ذكر أنّ بعض ما جاء في هذا المقال من أفكار قد يختلف عما هو موجود في كتب التربية والتعليم التابعة للوزارة، وكتب طرائق التعليم وغيرها. إلّا أنّنا نحاول أن نسطِّر من تجاربنا ما يحتاجه المعلّم في عمليّته التعليميّة، ليكون مكمِّلًا جنبًا إلى جنب مع ما جاء به كتب الوزارة وطرائق التعليم التي لا يمكن الاستغناء عنها للوصول بطالب يتعلّم بمحبّة لغته العربيّة الجميلة وتحقيق الأهداف والكفايات الوزاريّة.

ولكن إلى أيّ مدى يمكن تطبيق هذه الأفكار في ظلّ قلق المديرين بشأن إكمال المنهج الوزاري؟

 

[1] دورة تدريبيّة في دار المعلين والمعلّمات  في طرابلس لبنان بعنوان “كيف نجعل حصّة اللغة العربية أكثر متعة” بتاريخ5-11-2010

[2] منصّة طالب يمني 2023-10-14″كيف يراعي المعلّم الفروق الفرديّة بين التلاميذ”

[3] غاردنر،هـ.(2004).أطر العقل : نظريات الذكاءات المتعدّدة. الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج. ترجمة محمد بلال الجيوشي

 

أ. هويدا مصطفى

  • ماجستير في اللغة العربية وآدابها في الجامعة اللبنانية
  • شهادة الكفاءة في التعليم الثانوي في كليّة التربيةمن الجامعة اللبنانيّة.
  • أستاذة لغة عربيّة في ملاك التعليم الثانويّ الرسمي.
  • مدرسة لغة عربية في التعليم الأساسي لمدة ٩ سنوات.
  • كاتبة مدوّنات في مجلة منهجيات.
  • عضو في مركز الضاد الدولي للتدقيق والتصويب.
  • عضو في مجموعة الرابطة العالمية للدفاع عن اللغة العربية (فرع لبنان).
  • مشاركة في مشاريع تربوية ،وتعليمية في جمعيات لبنانية ك”نفضة”و”رينيه معوض”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *